لا لتقسيم الصومال، نعم لتقسيم المغرب.. هل ينتبه الاتحاد الإفريقي للمفارقة التي أصبح يعيشها بسبب عضوية "البوليساريو" الموروثة عن الحرب الباردة؟

 لا لتقسيم الصومال، نعم لتقسيم المغرب.. هل ينتبه الاتحاد الإفريقي للمفارقة التي أصبح يعيشها بسبب عضوية "البوليساريو" الموروثة عن الحرب الباردة؟
الصحيفة - حمزة المتيوي
الثلاثاء 30 دجنبر 2025 - 21:00

تسبب إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالاعتراف بما يسمى "جمهورية أرض الصومال"، المقتطعة من أراضي دولة الصومال، في حالة استنفار داخل الاتحاد الإفريقي، الذي عجل بإدانة ذلك على اعتبار أنه يعد مساسا بسيادة وسلامة دولة عضو، وهي العبارة التي تضع المنظمة القارية في حالة تناقض مع موقفها من قضية الصحراء، إذ إلى الآن لا زالت تعترف بكيان لا أثر له على أرض الواقع.

الاتحاد الإفريقي، وعبر بيان صادر عن رئيس مفوضيته، محمود علي يوسف، نهاية الأسبوع الماضي، لم ينتظر طويلا قبل أن يخرج بموقف صريح، يدين بعبارات واضحة ما أقدم عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي قرر الاعتراف بجمهورية أرض الصومال "صوماليلاند"، وهي كيان انفصالي يمارس حكما ذاتيا على الإقليم منذ سنة 1990، التاريخ الذي أعلن فيه قيام "دولته" من طرف واحد ودون أي اعتراف دولي.

في بيان رئيس المفوضية أعلن الاتحاد الإفريقي عن "رفضه القاطع لأي محاولات للاعتراف بإقليم أرض الصومال ككيان مستقل"، كما جدد "الالتزام الثابت بوحدة وسيادة وسلامة أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية"، معتبرا أن هذا الموقف يستند إلى "المبادئ المنصوص عليها في القانون التأسيسي للاتحاد لا سيما مبدأ احترام الحدود المعترف بها رسميا كما أقرته منظمة الوحدة الإفريقية في قرارها الصادر عام 1964".

وعبر الاتحاد الإفريقي عن "رفضه التام لأي مبادرة أو إجراء يستهدف الاعتراف بأرض الصومال كدولة مستقلة" مبرزا أن إقليم "صوماليلاند" يظل "جزءا لا يتجزأ من جمهورية الصومال الفيدرالية"، وتابع أن أي مساس بوحدة الصومال أو سيادته أو سلامة أراضيه "يتعارض مع المبادئ الأساسية للاتحاد الإفريقي كما يحمل مخاطر جسيمة قد تشكل سابقة خطيرة تهدد السلم والاستقرار في القارة الإفريقية".

العبارات الواردة في البيان، توضع في امتحان حقيقي إذا ما جرى تطبيقها على التعامل مع عضو مؤسس وهو المغرب، ويجعل المنظمة تبدو، في الوقت الراهن، وكأنها خاضعة لـ"معايير مزدوجة"، بسبب استمرار اعترافها بما يسمى "الجمهورية الصحراوية"، التي لا توجد إلا على أوراق الاتحاد الإفريقي، باعتبارها لا تتوفر على الاعتراف من طرف الأمم المتحدة.

أكثر من ذلك، فإقليم "أرض الصومال"، وفق القانون الدولي، يصنف على أنه "دولةُ أمرٍ واقع" (De Facto)، على اعتبار أن هناك سلطة تمارس بالفعل سيادتها على مساحة جغرافية محددة، إلا أنها تفتقر للاعتراف الدولي، على غرار جمهورية "شمال قبرص" التي تعترف بها تركيا فقط، وهو أمر لا ينسحب على ما يسمى "الجمهورية الصحراوية"، الموجودة عمليا كجماعة مسلحة ممثلة في جبهة "البوليساريو"، تمارس "سلطتها" على سكان مخيمات تندوف على الأراضي الجزائرية.

والمغرب، الذي عاد إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2016 بعد الانسحاب منه سنة 1984، هو الطرف الذي يمارس السيادة الفعلية على أكثر من 80 في المائة من أراضي الصحراء، وفق خرائط بعثة "المينورسو" التابعة للأمم المتحدة، في حين أن 20 في المائة المتبقية خلف الجدار الأمني مصنفة كمنطقة عازلة منزوعة السلاح، بناء على اتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1991.

بالإضافة إلى ذلك، فإن سيادة المغرب على الصحراء تعترف بها أغلب دول العالم، إما بشكل صريح، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، ودول إفريقية وازنة مثل السنغال والكونغو الديمقراطية والغابون والكوت ديفوار وزامبيا وغينيا وبوركينا فاسو وحتى جمهورية الصومال، أو عبر إعلان دعم الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، مثلما تفعل معظم دول الاتحاد الأوروبي.

في المحصلة، كان تركيز بيان رئيس المفوضية الإفريقية عن وحدة الصومال وسيادته وسلامة أراضيه، ليبدو أمرا مبدئيا إذا ما انسحب على جميع الكيانات داخل الاتحاد الإفريقي، فالاعتراف بما يسمى "الجمهورية الصحراوية" في سياق تجاذبات الحرب الباردة قبل أكثر من 40 عاما، يبدو الآن مناقضا لهذه المبادئ، خصوصا وأن أكثر من ثلثي دول القارة لا تعترف بها.

وإذا كانت أنظمة الاتحاد الإفريقي لا تتضمن مسطرة طرد "عضو" أو تجميد عضويته، فإن الأمر أصبح، تدريجيا، يحتاج إلى حل واقعي، ليس فقط بسبب تنامي عدم الاعتراف بما يسمى "الجمهورية الصحراوية" بين بلدان القارة، بل أيضا لأن الاتجاه الأممي أصبحا واضحا في تبني مقترح الحكم الذاتي المغربي، الذي أصبح أساسا للحل بناء على قرار مجلس الأمن رقم 2797 ليوم 31 أكتوبر 2025.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...